دقه بدقه

حدثت هذه القصه في بدايات القرن العشرين ولازال ابناء الموصل يتوارثونها ابا عن جد لما فيها من الحكمه والخوف من الله ....
كان هناك تاجرا ومن اكبر تجار عصره كان مشهودا له بالاستقامه والنزاهه والخوف من الله , كان يقضي حاجات الناس ولايرد مسكينا او فقيرا ابدا وكان يقول ((زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات ))...كانت تجارته بين العراق وسوريا يبيع الحبوب في سوريا ويستورد منها الصابون والاقمشه
كان له ولد وبنت بلغا عمر الشباب وفي يوم من الايام ,قال لولده ( يابني لقد كبرت ياولدي فلا اقوى على السفر وقد اصبحت انت الان رجلا والحمدلله , فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب فبعها هناك واشتري صابونا وقماشا وارجع الينا , اوصيك بتقوى الله وان تحافظ على شرفك وامانتك وفقك الله ياولدي ,,
وسافر الشاب بتجارة ابيه وكان فعله كأبيه يسهر على ادارة القافله ويحرص عليها ويرعى شؤون عماله , ووصل الى حلب في سوريا باع الحبوب واشترى القماش والصابون وقبل ان يرحل عن حلب , رأى شابه جميله في طريق ضيق ولايوجد احد من الناس فراودته نفسه الاماره بالسوء على تقبيل الفتاة واختطف منها قبله وولى مسرعا وبعد قليل اخذ يؤنب نفسه ويندم على فعلته واستعد للعوده الى بلده , وكان والده التقي في غرفته قد الم به المرض وكان جالسا ينظر من شباك غرفته الى فناء الداريفكر في عودة ابنه من السفر وسمع طرق الباب فهرعت ابنته لتفتح الباب فوجدت السقاء
حيث كان في ذلك الوقت رجل يحمل الماء ويوزعه على البيوت مقابل اجر , ففسحت للسقاء بالدخول لتفريغ الماء في الخزان ودخل وابنة التاجر تنتظر على الباب لكي تغلقه بعد مغادرة السقاء وعاد السقاء بقربته الفارغه فلما مر بقرب الفتاة اختطف قبله منها وهرب ولمح ابوها ماحدث فقال لاحول ولاقوة الا بالله واغلقت الفتاة الباب ولم تقل شيئا ...
وعاد السقاء في اليوم التالي الى دار الرجل كالمعتاد وكان مطأطيء الرأس خجلا من فعلته ولكنه لم يفعلها مجددا لقد كان يزود الدار بالماء منذ سنين وكان غايه في الادب والخلق ولم يكن في يوم من الايام موضع ريبه او شك ولم يكن ينظر الى محارم الناس نظرة سوء ..
عاد الفتى الى البلد موفور الصحه مبتهجا بتجارته وكسبه ولم يفرح الاب بتجارة الفتى والربح الذي أتى به من التجاره لم يسأل ولده عن رحلته وتجارته وقال له ماذا فعلت منذ ان غادرت الموصل الى ان عدت اليها فقال له اتقصد تجارتي قال لا بل ماذا فعلت من الحرام قال لم افعل شيئا وبعد الحاح من الاب قال بعد ان احمر وجهه من الخجل لقد قبلت فتاتا هناك وندمت اشد الندم وارجو الله ان يغفر لي وان تسامحني ياابي ,,
وقال له ابوه مشفقا عليه وعلى اخته وعلى نفسه :اني لأعلم انني لم اكشف ذيلي في حرام وكنت اصون عرضي حين اصون اعراض الناس وارجوا ان لااكون مدينا لله بشيء وحين قبل السقاء اختك تيقنت انك قبلت فتاة ما , فأدت اختك عنك دينك لقد كانت دقه بدقه ولو زدت لزاد السقا......انتهت القصه
هذه القصه الى كل الذين يريدون ان يدنسوا اعراض الناس فليتذكروا ان من يتتبع عورات الناس تتبع الله عورته وفضحه في اهله وقديمما قالوا :
من خاف على عقبه وعقب عقبه فليتق الله
ومن تعقب عورات الناس تعقب الله عورته
ومن تعقب الله عورته فضحه ولو كان في جوف رحم
ومن كان يحرص على عرضه فليحرص على اعراض الناس
ومن اراد ان يهتك عرضه فليهتك اعراض الناس وكل دين لابد له من وفاء ودين الاعراض وفاؤه الاعراض والذين يخونون حرمات الناس يخونون حرماتهم اولا ....واخيرا الجزاء من جنس العمل هذه قاعده الاسلام الذهبيه في الدنيا والاخره.........